فعل الترجمة/ عزالدين بوركة

أترك تعليقا


فعل الترجمة

يتسم فعل الترجمة في المغرب بقلته بالمقارنة مع باقي الدول الأخرى ، لا يتعلق الأمر هنا بكون أن فعل الترجمة رهان صعب يستحيل تطبيقه فقط  ، بل يعود الأمر للوعي السياسي و الثقافي و خاصة مند عهد الحماية الفرنسية بإعتبار أن اللغة الأجنبية هي لغة الذات مثلها مثل اللغة العربية و الأمازيغية..
وهذا لا يمنع اعتبار الترجمة جسر تعبره الذات للقاء الثقافة الآخر و فكره. و كون فعل الترجمة نافدة نطل عبرها على فكر الآخر، "[....] تصور الجسر هو الأروج و لا يمكن إنكاره، وهو الأكثر استعمالا على المستوى الإعلامي خاصة أنه يخدم بعض البناءات الفكرية الرائجة، ولكن تصور الكرآة [...] يظهر فيه مدى التمكن من ادراج الآخر، و بخاصة لغته، اعتمادا على لغة الذات و على امكاناتها. وفق هذا المنظور، تعتبر الترجمة عنصر بناء الذات، و للغة، بوصفها مُعبرا أساسيا عن هذه الذات. و من جانب آخر، الترجمة هنا قد تكون تدويتا للآخر، يصير الآخر فينا، و هكذا ينبني التعدد [..]" 1 
.
إن كان فعل الترجمة تدويتا للآخر، فإن النص المترجم ينتقل من تراث خاص بلغة معينة-الأصل- أو بحضارة معينة ليصبح تراثا يخترق لغات أخرى، و خضارات أخرى.. مما يساهم في إغناء التراث الإنساني، و الإنخراط في العقل الكوني.
وكل الإبداعات الأدبية و العلمية التي عرفت طريقها للترجمة، أمست تراثا للإنسانية جمعاء.. مما يجعل من فعل الترجمة فعلا انسانيا، يربط بين الحضارات محاولة في فهم بعضنا البعض.
فكما  أن فعل الترجمة فعل اعداد الشيء للاستعمال الكوني(2)، فإنه لا يخلو من صعاب لتحقيقه مما يجعل منه كما أسلفنا الذكر رهانا صعبا.. فإنتقال فعل الترجمة من لغة إلى أخرى قد يجعل من الصعب الحصول على العبارة التي إنطلقنا منها.. و لا يقف الأمر عند هذا الحد فإن أخدنا الغة العربية مثالا سنجد أن بنية و تركيب الجملة في اللغة العربية قد تأثر بباقي اللغات نتاجا للترجمة الحرفية و اأثرا ببنية اللغات الأخرى المترجم عنها..
وفعل الترجمة كما يتسم بفعل أمانة النقص فهو أيضا يتسم بفعل خيانة اللغة و هذا نتاج لما يسميه (بول ريكو) " استدراج القارئ إلى المؤلف و استدراج المؤلف إلى القارئ"، مما يلولد قصور عن استحالة خدمة هذان الفاعلان: المؤلف و القارئ..
هذا نتاج لنقل النص من لغة إلى أخرى، أي من سياق فكري و ثقافي إلى سياق آخر مختلف عنه، إلا أنه مما يضمن التواصل رغم تعدد اللغات، وحدت العقل الإنساني.
ففعل الترجة يزيد من الآفاق المحدودة، كما أنه يوسع مجال التفكير و الإنتاج.. بنقل الفعل إلى فعل كوني وإنساني.
نجد البعض يقول أن قوة اللغة تكمن في قدرتها على التعبير عن المنقول عن لغات أخرى: و تكسب اللغة قوتها هذه عن طريق الترجمة..
فلا محيد إدن عن الترجمة، لتقريب الإنتاج الإنساني-بتعدده- و الفكري و الثقافين بين كل الثقافات و الحضارات اغناءا للعقل الإنساني و للفعل الكوني..

(1)       عبدالمجيد جحفة-قاف صاد 2011 ص 184/182 نحن و الترجمة
(2)       نفس المصدر  
*عزالدين بوركة (zindin zin )

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire