حوار مع الأديبة المغربية كريمة دلياس

أترك تعليقا


الأديبة المغربية كريمة دلياس: لم أتطلع يوماً لأن أكون كاتبة..
 وتمردي على القلم لم يدُم طويلا
حوار: أحمد لمسيح                                      

كريمة دلياس شاعرة وقاصة من  المغرب / الدار البيضاء نالت جائزة الاستحقاق لديوان "بقايا إنسان" عن جوائز ناجي نعمان الأدبية العالمية لدار الثقافة لبنان لسنة 2007 الموسم الخامس. نالت الجائزة الأولى في المهرجان الدولي الثالث للشعر والزجل بالبيضاء لسنة 2008 و2009 تصدر لها قريبا مجموعة قصصية للأطفال بعنوان "الصعود إلى القمة" وزارة الثقافة المغربية.  تعمل أستاذة رياضيات. عن مسيرة الكتابة، ومن أجل التعرف على العلاقة الحميمية بين المبدع والكتابة: دوافعها، طقوسها، اختياراتها... جرى الحوار التالي مع الشاعرة والقاصة.

س - لاعتناق الكتابة غواية سرية: قبل أن يصبح حضورك راسخا ومتميزا في حقل الكتابة هل كنت تتطلع/تفكر في أن تصبح كاتبا؟

ج ـ لم أتطلع يوما ما أن أصبح كاتبة أو شاعرة، بالعكس لم أكن أود أن أحمل القلم ولا أن أطأ أرض الكتابة، لكنني أخذت الحرف بقوة اليقين وعزم كبير، بعد أن فرض نفسه علي بقوة وإصرار. تعرف أن ما لا نكتبه بالقلم ينكتب داخلنا، فالنفس البشرية عبارة عن دهاليز من الأسرار تتشكل من تراكمات ومواقف، تبدأ من الطفولة وتمتد إلى مراحل العمر، يتفاعل معها الإنسان وتتفاعل معه في محيط مليء بالتناقضات، والآراء المتضاربة، والمصالح المتباينة من نسيج اجتماعي متباين طبقيا، وثقافيا، واقتصاديا...
كل هذه المخزونات تتبلور وتتحلل في خبايا الذات لتخرج من قمقمها عندما تتفاعل مع المحيط الخارجي، وتستجدي السؤال عن مكنون الأنا، والذات، والآخر، وسبب الوجود، وتطرح الأسئلة الفلسفية الوجودية التي تطرحها بإدراك، وبغير إدراك على نفسك وعلى محيطك. قد تجد لها جوابا مقنعا، أو تجد سدا منيعا لأسئلتك ممن يحيطون بك، وعن جدوى طرحها، أو التفكير فيها. كما أن المواقف الاجتماعية التي عاينتها منذ طفولتي، والتناقضات الحياتية التي خبرتها جعلتني أبحث عن جدوى العدالة الإنسانية في ظل الاستبداد، والظلم، والطغيان، وجدوى ما نقرأه في الكتب، ونتعلمه في المدارس، ونتشدق به أمام الناس، ولا نعمل به قيد أنملة في حياتنا العامة. هذا خلق بالنسبة لي أزمة قيم حقيقية؛ لأن ما نعيشه هو جمود فكري محض، ودوران في حلقة مفرغة، سرعان ما تؤدي بك إلى نقطة البداية. كأنني أريد إعادة صياغة هذه الحياة لتجديد الذات، والوعي الإنساني بنبض جديد، ورؤى وأفكار جديدة تفسخت من عمق الأسئلة المتناسلة. لذلك هذا التمرد على القلم لم يستمر طويلا، وانقلب علي، وكان المنفذ الوحيد هو الكتابة. كنت دائما أقول مع نفسي سينضج الكلام يوما، وجاء هذا اليوم الموعود بعد سلسلة من البناء والهدم.

س- للانتماء إلى الكتابة بداية الانتساب: كيف انكتب نصك الأول؟ ومن مِن الأوائل المطلعين عليه سواء نشر أم لا؟ من حفزك على النشر؟ كيف اقتبلت نشر أول نص لك؟ وما هي ردود أفعال الغير من عائلة وأصدقاء... من نشر أول نص لك؟

ج ـ انكتب نصي الأول في وجداني عندما سكنت لغة الضاد خافقي، وقرعت أجراسي على موسيقى نبضها. حينها، علمت أنني مسكونة بجمال وسحر حروفها الفاتنة. هكذا ملكتني وأسرتني اللغة العربية، وأصبحت أحس أن لها وقعا خاصا ينسكب بانسجام في دواخلي، فاستسلمت جوانحي لوقع خطاها الجميل بدون أدنى مقاومة. لكن أول محاولة لي كانت قصيدة حسبتها عمودية باجتهاد خاص مني عندما كنت بالخامسة ثانوي، كنت متشوقة أن أجدها بين دفاتري القديمة لكنها ضاعت مني.
كانت محاولة أولى، تلتها محاولات أخرى بنفس الصيغة، وخواطر، وكتابات فكرية خاصة. كنت حينها لم أقتنع بجدوى الكتابة، وجدوى التفكير في أشياء تكبرني كما يقول لي بعض الأصدقاء والمعارف. لذلك، هذه النصوص لم تنشر، ولم تر النور قط. وكانت تطلع على قصائدي أختي التي تصغرني سنا، وتبدي إعجابها بما أكتب.
والمحك الحقيقي في عالم الكتابة جاء من معاودة الحنين لكتابة الشعر بعد قطيعة، وتمرد على القلم، وعلى الذات، والمجتمع. كتبت قصائد رومانسية، وكذلك من أحداث اجتياح العراق بحجة واهية؛ وهي تدمير أسلحة الدمار الشامل بعد سنوات من الحصار، والجوع للأطفال، والرضع، والشيوخ... حصار للحجر، والشجر، والبشر لعدة سنوات. حينها، تناسلت الأسئلة اللولبية في باطني. كيف تكون هذه المعاقبة الجماعية بهذا الاستخفاف، واللامبالاة، والعبث؟ كنت أعرف أن دمارا شاملا حل بي، وألقاني في قذارة الحضارات المصطنعة. هذا ما أفاض الكأس، لم أتقبل ولم أستوعب يوما كيف لحضارة عريقة تمتد لآلاف السنين، لبلد عريق مثل العراق أن يدمر بشكل رهيب، وعبثي من بلد ليس له حضارة تاريخية، لكن يملك كفة القوة والاستعلاء. تراكمت هذه المشاهد على مشاهد العنف، وتخوم الموت، والقتل المجاني التي كنت أشاهدها طيلة حياتي في فلسطين، والبوسنة، وغيرها من الحروب المفتعلة هنا وهناك. وكذلك مشاهد البؤس، والجوع، والمرض في مجتمعاتنا. ولم أنس هول الصدمة، وحجم الكارثة الإنسانية التي شعرت بها عندما شاهدت عبر قنوات التلفزة أمريكا تضرم النار على فائضها الاحتياطي من القمح، في حين القارة الإفريقية تعاني من مجاعة حقيقية، وإبادة جماعية بالعرض البطيء. كانت هوة سحيقة تجرفني إلى مستنقع جحيم الأسئلة، التي لم أجد بدا الهروب منه.
كنت دائما منشغلة بالهم الإنساني منذ طفولتي؛ لذلك جاء ديواني الأول "بقايا إنسان" مستغرقا في السوداوية، لكن يحمل في عمقه أملا، ويبحث عن جدوى، وكنه الحرية التي تتشدق بها الحضارات في ظل الاستبداد، والتجويع، والحصار، والقتل المجاني، والتهميش، والإقصاء...
نصوص هذا الديوان كتبتها في منتدى خليجي جاء بلا ميعاد، إلى جانب القصائد العاطفية. وقد لقيت قصائدي صدى كبيرا، وتفاعلا كبيرا بين أعضائه ورواده، فتوليت الإشراف على قسم الإبداعات الأدبية، والمسابقات بالمنتدى، بعدها شاركت بديواني الذي جمعت قصائده من المنتدى في أول مسابقة إبداعية بالنسبة لي؛ وهي مسابقة ناجي نعمان الأدبية بلبنان سنة 2007، كانت هي نقطة البداية لدخولي الساحة الثقافية؛ لأن تكويني كان علميا محضا، مما خول لي التعرف على المبدعين الفائزين بالمسابقة، وعلى أغلبية المبدعين المغاربة، والعرب، وإبداعاتهم من خلال الملتقيات الأدبية، والندوات التي كنت أحضرها على الصعيد الوطني.

س- الاختيار هوة غامضة بين العفوية والوعي: في البدايات غالبا ما تتجاذب ميولات مبهمة للعقول في الكتابة، وقد تظل كذلك أثناء الممارسة. كيف تفاعلت مع ذلك؟ وهل "احتكرك" إبداعك في حقل معين، ولماذا؟ وإذا تعددت انشغالاتك في مجال الكتابة، فأين تجد نفسك، ولماذا؟

ج ـ أومن أن التعبير الإبداعي كيفما كان هو قالب يمكن صياغته كما نريد، ونصب فيه أي شيء ليأخذ شكلا خاصا به. لذلك، أجدني أملك الأنا المتعددة في انشغالاتها، وهمومها، وميولاتها الأدبية والفنية. ولا أكتفي بإبداع معين في حد ذاته، أنا كل هذا التعدد والاختلاف في التصور والتعبير، شريطة التوفر على الجمال الإبداعي الحقيقي، والنسق الفني الراقي، والذوق الرفيع.
مثلا في صغري، كنت شغوفة بالرسم، لم أطور هذه التجربة الحقيقية الأولى لي في عالم الإبداع، لكن عندما كنت أحضر المعارض التشكيلية، أجدني أنجذب بسهولة وتلقائية تامة للوحات الفنية التي تثير في داخلي تساؤلات عميقة. أراني أتماهى مع رموزها، وإيحاءاتها الفنية، وطبيعة تمازج الألوان فيما بينها لحل شفرات اللوحة، والعثور على الفكرة التي تحمل بين خطوطها العريضة، واللامتناهية. كما أوفق إلى حد كبير في قراءة اللوحة. وستجد بعض هذه الرسومات الفنية في كتاباتي الشعرية في ديواني؛ لأن هناك تقاطعات بين الرسم، والشعر، والتشكيل. كما ستجد المسرح حاضرا من خلال الأنا المتعددة في الديوان، وهو تجسيد للذات على خشبة متحركة، تتنازع فيها الأنا الفردية، والأنا الجماعية، وأنا الآخر فيك للخروج من شرنقة الجسد الذي هو سجن حقيقي للذات. كما كان يستهويني الرسم الكاريكاتوري، لكن هناك صعوبات ومخاطر تتربص بمن يختار هذا التعبير الفني، لذلك لم أنشغل به، لكنني وظفته في القصة القصيرة جدا التي استهوتني هي أيضا، وأغوتني، وأغراني الأصدقاء لاقترافها ذات غواية. كما اخترت الكتابة في أدب الطفل، وهذا مرتبط بعالم الطفولة الذي لم أكبر عنه، ويستدرجني إلى القصص التي كنت شغوفة بها في طفولتي، والأحلام التي كنت أرسمها في مخيلتي الصغيرة. أومن أن كل إنسان يعيش بداخله طفل ما كانه، أو يود أن يكونه. وأنا أطلقت سراح هذه الطفلة الحالمة التي كنتها، لتعبر على لسان حالها عن مكنونات الطفولة الخفية وأحلامها، فانسقت إلى نسج قصص أطفال على لسان الحيوانات. أما الشعر فهو لعنتي المشتهاة، لم أختره بإرادتي بل هو من اختارني، وأغار علي من حيث لا أدري، وأحكم قبضته بخناقي. هو خبزي الأول، وملاذي الأخير، أعجن به كل هذه الغوايات لتأخذ شكلا من الأشكال، وأضعها في فرن ساخن ملائم.

س- للكتابة طقوسها، كيف تنجز نصك من لحظة المخاض إلى الولادة، فالمراجعة، وتجميل النص في جسده "النهائي"، وإرساله إلى القاريء؟ أقصد لحظة الإبداع كيف "تهجم" عليك، كيف تتم عملية الخلق؟ وكيف تكون طقوس الكتابة عندك؟

ج ـ الكتابة بالنسبة لي تختلف من الشعر إلى القصة. الشعر مخاتل، ومتطاوس، وجد متكلف. غالبا ما تتمنع علي القصيدة، لكنها تغير علي بشكل مفاجئ من حيث لا أحتسب، تراودني عن نفسها وأراودها، فنقترف معا فن الغواية. الشعر صاف لا تشوبه شوائب؛ يأتي متدفقا كماء زلال، كما سويته في خطيئته الأولى، أو كما شاء له أن يكون هنيئا للشاربين. والشعر يتطلب الإنصات للذات عميقا، ولنبض الآخر، ولصوت الأشياء التي تحفنا، وتستفزنا ببهائها، وجمالها، وحتى بقبحها. هو سفر عميق في كل شيء، وفي لا شيء. يسحبنا إلى كواكب بعيدة، ومياه عميقة، ثم يعيد تشكيلنا على الأرض.
أما القصة على العموم، فهي منقادة وطيعة، تجالسني في أي لحظة حميمية مع نفسي، وتشرب معي قهوة خفيفة بالمقهى، أجدها مصاحبة لي في الشارع، السوق، المطعم، المدرسة، البيت... باختصار، هي تلازمك كظلك الوفي في خلواتك، وصلواتك، وجولاتك. وعملية الكتابة تأتي عفوية، وتلقائية بدون اصطناع، أو زيف، أو مكياج، وإلا ستأتي مستنسخة كالنعجة دولي، أو مشوهة كأطفال سياميين.
تأتي أولا الفكرة مادة خامة بخطوطها العريضة، وبغوايتها المحرضة، تشتغل عليها في الخلفية الذهنية لتنقب عن جوهرها من خلال الروافد المعرفية، والعلمية، والمتوارث الشعبي. وتقتات أيضا من الذاكرة الحية، والخيال، ويأتي في الأخير التفاعل مع كل هذه الموارد المختلفة، والمتنوعة. وهي عملية صعبة ومعقدة تستدعي الشعور واللاشعور، لتختمر شيئا فشيئا، حتى تبني معالمها بذاتها. ويبقى لكل نوع قصصي خصوصيته الخاصة في الانجذاب، والاسترسال في عملية الحكي، والبناء حتى تكتمل القصة بقدها الممشوق، ثم تطرحه جانبا حتى تعاود قراءته في وقت لاحق كمتلق أولي؛ أي أنسحب من نصي ككاتبة لأعاود قراءته كمتلقية، وأسجل انطباعاتي الأولى، وتفاعلي مع النص. وفي بعض الأحيان، لا أكون راضية على النص تماما، أو أستشعر لبسا، أو نقصا في بعض الأفكار، أو العبارات، فأعاود تقمص روح الكاتبة، ويتكرر هذا حتى يستوي النص بكامل أناقته، وطراوته. ومن تم، يأتي دور التدقيق اللغوي. وبغض النظر عن الزمان والمكان، كل لحظة كتابة هي طقس بحد ذاتها لا تشبه لحظات أخرى مشابهة، ولا تتكرر بنفس الوتيرة والإيقاع إلا نادرا.


س- من زواج المعرفة بالموهبة يولد النص الأصيل: لكل كاتب استراتيجية ومرجعية،كيف توفقين/تلائمين بين تدفق العفوية وتلاطم الأمواج المعرفية، والصندوق/الجسد الذي يحمل/يحمي النص/الجنين إلى مرفإ الورقة حيث يتدافآن بمتخيلك؟

ج ـ المعرفة بمفهومها الواسع أساسية لكل خلق إبداعي، ولا يمكن للموهبة فقط أن تبني نصا كيفما كان. فبرأيي، المعرفة والموهبة خطان متوازيان، يتجهان في نفس الإتجاه الصحيح، في مرحلة التقارب نحو الخلق الإبداعي المتزن والمترابط، ثم تأتي بعدها مرحلة التطابق؛ وهي عملية ولادة النص الإبداعي.
موارد المعرفة مختلفة، ومتنوعة من حيث المجالات والمواضيع. في طفولتي، كنت شغوفة بالقصص البوليسية، كنت أقرأ سلسلة المغامرون الخمس بشغف، وأستبدلها عند "مول الزريعة". كما أقرأ قصص وروايات أطفال متنوعة، وأقرأ كل ما تقع عليه يدي حتى الأوراق التي تستفرغ من السلع المشتراة. وغالبا ما كنت أجد أشياء ثمينة، وتشرح النفس، فأحتفظ بها بين الكتب. كما كنت أقرا سلسلة مجلة
"الوطن العربي" القديمة والجديدة؛ وهي بالمناسبة كانت مجلة موسوعية، وذات مستوى عال من المعلومات القيمة، تجد فيها: الأدب، الشعر، السينما، المسرح، الحوارات، والعلوم بشتى أنواعها...
كما كنت أستمع للأمثال الشعبية بالإذاعة الوطنية، وأدونها، ولمختلف المواضيع التي كانت تبثها. وكنت أستمتع بمشاهدة الأفلام البوليسية خاصة، وأفلام الويسترن، والأفلام الكلاسيكية الغربية ذات البعد الإنساني على التلفاز. وفي الشعر، قرأت الشعر العربي الموزون، والشعر الحر لمختلف الشعراء. ويعجبني شعر أبي العلاء المعري، وغيره من الشعراء. لكنني في مرحلة ما، كنت درويشية حتى النخاع. أما الرواية، فكنت أقرأ الروايات الفرنسية فقط، باختيار وذوق خاص للموضوع والأسلوب. ويستهويني الأسلوب الشعري في الرواية، والمواضيع الحية التي تطرح إشكالات حقيقية من الواقع. وفي الأخير، أجدني تصالحت مع الرواية العربية.
وبقية الإجابة هي واردة في جواب السؤال السابق.

س- ليس الكاتب كاتبا فقط: غالبا ما يتعامل مع الكاتب منفصلا عن حياة البشر. وعندما "يحاسب"، يطالب بأن يكون أقرب أكثر من نبض داخل المجتمع. في هذا الإطار ما هو الوجه الآخر لكاتبنا: رياضة، صيد، موسيقى... وما علاقة ذلك بتجربتك؟

ج ـ الكاتب إنسان قبل كل شيء، يعبر عن ذاته في الآخر والآخر فيه، يتحلل في ذاته وفي الآخرين، له حساسية خاصة به يرصد من خلالها كل التفاصيل الصغيرة والكبيرة التي يعيشها ويتعايش معها في محيطه وبيئته، ويسجلها في ذاكرته بعناية فائقة. ولا أحد برأيي له أحقية بمحاسبته، أو مطالبته بشيء أيا كان. هذا يدخل في صميم حريته الشخصية، واختياراته، واعتقاداته، وميوله التي توافق شخصيته. إنه قبل أن يكون كاتبا هو إنسان يؤثر ويتأثر... ينفعل ويتفاعل مع أسرته، ومحيطه، ومجتمعه. له همومه وانشغالاته الخاصة. ولا أحد أظن أنه اختار الكتابة بمحض الصدفة، أو جاءت الكتابة إليه من فراغ. إنها معاناة، وألم، واحتراق تنصهر فيها الذات كنوع من التمرد، والرفض المعلن لمجموعة من الأشياء؛ من أجل معانقة أحلام موؤودة. لهذا، يجب احترام اختيارات الكاتب، وأن لا نحمله ما لا يطاق.
إذا كان بد من الكشف، فوجهي الآخر يغيب حينا، ويحضر حينا آخر. بالنسبة للرياضة، كنت أعشق العدو الريفي، ومارسته في مرحلة الدراسة، وشاركت في بطولة مدرسية داخل المؤسسة. كنت الأولى في القسم، وأثير استغراب الجميع؛ وخاصة التلميذات ذات القامات الطويلة. وفي سنوات الجامعة، مارست الأيكيدو؛ كانت تجربة جميلة ومميزة. وكنت أعشق تسلق الجبال. اتجهت بعدها للخدمات الإنسانية التطوعية في الإسعافات الأولية، ثم تكونت في الفرق الإسعافية، وخضعت لتدريبات في الميدان. بعدها، خضت تجربة الخط العربي، والرسم على الزجاج والحرير، ثم في الأخير، جاءت الكتابة بكل شغبها. وأفضل هواياتي: المشي، والموسيقى، والسفر، والكتابة.

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire